فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي طُلُوعِ النَّجْمِ الَّذِي تَرْتَفِعُ بِطُلُوعِهِ الْعَاهَةُ أَوْ تَخِفُّ أَيُّ النُّجُومِ هُوَ؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلاَ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلاَ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالاَ ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ‏(‏وَثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ فُلَيْحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ بْنِ فُلَيْحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ عَلَى الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ صَدَقَةٌ وَثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ وَلاَ فِي عَبْدِهِ صَدَقَةٌ فَقَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ تَرَكْتُمْ هَذِهِ الآثَارَ وَجَعَلْتُمْ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبِيدِهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ فِيمَا رَوَيْتُمْ عَنْهُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ هَذَا‏,‏ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا ذُكِرَ اسْتِثْنَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُ فِي مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ قَالَهُ قَدْ ذُكِرَ اسْتِثْنَاؤُهُ إيَّاهُ وَإِيجَابُهُ لَهُ فِي غَيْرِهِ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلاَ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ إِلاَّ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ زَكَاةٌ إِلاَّ أَنَّ فِي الرَّقِيقِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ الأَسْلَمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ مِنْ الآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا قَدْ قَصَرَ رُوَاتُهُ عَمَّا حَفِظَهُ رُوَاةُ الآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانُوا بِذَلِكَ أَوْلَى وَكَانَتْ زِيَادَتُهُمْ عَلَيْهِمْ عَلَى ذَلِكَ مَقْبُولَةً مَفْعُولاً بِهَا‏;‏ لأَنَّ مَنْ حَفِظَ شَيْئًا أَوْلَى مِمَّنْ قَصَّرَ عَنْهُ‏.‏

فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ أَفَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ الرَّقِيقِ مِنْ مُسْلِمِيهِمْ وَمِنْ كَافِرِيهِمْ‏؟‏ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ مِنْ مَذْهَبِنَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ الرَّقِيقِ مُسْلِمِيهِمْ وَكَافِرِيهِمْ‏;‏ لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَثْنِ فِي ذَلِكَ مُسْلِمًا مِنْ كَافِرٍ وَلاَ كَافِرًا مِنْ مُسْلِمٍ‏,‏ وَقَدْ تَقَدَّمْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو هُرَيْرَةَ كَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ خَلَفٍ بْنِ عُمَرَ الْكِنْدِيُّ قَالاَ ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ‏:‏ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ إنْسَانٍ يَعُولُ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ‏,‏ وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَتَقَدَّمَنَا فِيهِ مِنْ تَابِعِيهِمْ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَعَبْدُ الْوَهَّابِ قَالاَ ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إذَا كَانَ لَك عَبِيدٌ نَصَارَى لاَ يُدَارُونَ لِتِجَارَةٍ فَزَكِّ عَنْهُمْ يَوْمَ الْفِطْرِ‏.‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى وَعَبْدُ الْوَهَّابِ قَالاَ ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْمُهَاجِرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ يُعْطِي الرَّجُلُ عَنْ مَمْلُوكِهِ وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا زَكَاةَ الْفِطْرِ‏,‏ فَقَالَ قَائِلٌ فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ فَرْضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ ذَكَرٍ‏,‏ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ فَفِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ دَاخِلِينَ فِي ذَلِكَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ نَافٍ لِلرَّقِيقِ الَّذِينَ عَلَى غَيْرِ دِينِ الإِسْلاَمِ عَنْ وُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ فِيهِمْ‏;‏ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا فَرَضَهَا عَلَى مَنْ يُخْرِجُهَا مِنْ مِلْكِهِ زَكَاةً لَهُ وَتَطْهِيرًا فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْقَادِرِينَ عَلَيْهِ لاَ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ الْعَبِيدِ الْعَاجِزِينَ عَنْهُ‏;‏ لأَنَّ فَرَائِضَ اللَّهِ تَعَالَى إنَّمَا تَلْحَقُ الْقَادِرِينَ عَلَيْهَا لاَ الْعَاجِزِينَ عَنْهَا‏,‏ وَالْعَبِيدُ عَاجِزُونَ عَنْ هَذَا الْفَرْضِ لِإِخْرَاجِ اللَّهِ تَعَالَى إيَّاهُمْ مِنْ مِلْكِ الأَشْيَاءِ بِقَوْلِهِ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَمْلُوكًا لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ فَعَادَ الْفَرْضُ الَّذِي افْتَرَضَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ إلَى الْمَالِكِينَ الْوَاجِدِينَ لاَ إلَى الْمَمْلُوكِينَ الْعَاجِزِينَ وَلَمْ نَعْلَمْ اخْتِلاَفًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْعَبْدِ يُعْتَقُ قَبْلَ أَدَاءِ مَوْلاَهُ عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ فَيَمْلِكُ مَالاً بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ نَفْسِهِ‏,‏ وَمَا مَلَكَ كَمَا يُخْرِجُ عَنْ نَفْسِهِ كَفَّارَاتِ أَيْمَانِهِ الَّتِي كَانَ حَنِثَ فِيهَا فِي حَالِ رِقِّهِ وَلَمْ يُكَفِّرْ عَنْهَا بِالصِّيَامِ عَنْهَا فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ هُوَ مَا يُؤَدِّيهِ بَعْدَ عَتَاقِهِ مِنْ مَالِهِ الَّذِي يَكْسِبُهُ بَعْدَ عَتَاقِهِ وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ يُرَاعَى حُكْمُهُ فِي إسْلاَمِهِ‏,‏ وَفِي عَدَمِ إسْلاَمِهِ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ لاَ يُؤَدِّيهِ بَعْدَ عَتَاقِهِ هُوَ الَّذِي كَانَ عَلَى مَوْلاَهُ لاَ عَلَيْهِ‏,‏ وَالْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ دِينُ مَوْلاَهُ لاَ دِينُهُ‏.‏

وَكَمَا كَانَ يَجِبُ عَلَى مَوْلاَهُ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ إذَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ كَمَا يُزَكِّيَ، عَنْ عَبْدِهِ الْمُسْلِمِ إذَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ‏,‏ وَلاَ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ كُفْرُهُ‏,‏ كَانَ أَيْضًا يُؤَدِّي عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ بِمِلْكِهِ إيَّاهُ وَلاَ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ كُفْرُهُ‏.‏

‏(‏فَقَالَ قَائِلٌ آخَرُ مِنْ أَهْلِ الشُّذُوذِ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ يَعْنِي‏:‏ الْعَبْدَ فِي نَفْسِهِ يُؤَدِّيهَا مِنْ كَسْبِهِ وَهَذَا قَوْلٌ لاَ نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا تَقَدَّمَهُ فِيهِ‏,‏ وَتَعَلَّقَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ قَالَ فَعَقَلْت بِذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ ذُو مَالٍ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ، بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا ذُكِرَ مِمَّا يُوجِبُ مَا ذَهَبَ أَنَّ الْعَبْدَ ذُو مَالٍ بَلْ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ مَا يَنْفِي ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ حَقِيقَةَ مَالِهِ لِمَالِكِهِ وَأَنَّ إضَافَتَهُ إلَيْهِ أَعْنِي‏:‏ الْعَبْدَ إنَّمَا هِيَ كَإِضَافَتِهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَرَ النَّخْلِ الْمَبِيعَةِ إلَى النَّخْلِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ بَاعَ نَخْلاً لَهُ ثَمَرٌ قَدْ أُبِّرَ لاَ عَلَى أَنَّ النَّخْلَ يَمْلِكُ شَيْئًا‏.‏

وَكَمَا أَضَافَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْتَ الْعَنْكَبُوتِ إلَى الْعَنْكَبُوتِ بِقَوْلِهِ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لاَ لِمِلْكِهَا إيَّاهُ‏.‏

وَكَمَا يُضَافُ بَابُ الدَّارِ إلَى الدَّارِ وَجُلُّ الْفَرَسِ إلَى الْفَرَسِ لاَ أَنَّهُمَا يَمْلِكَانِ ذَلِكَ‏,‏ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ يَمْلِكُ مَالَهُ لَمَا كَانَ لِمَوْلاَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ كَمَا لَيْسَ لَهُ أَخْذُ بُضْعِ زَوْجَتِهِ الَّذِي قَدْ مَلَكَهُ بِتَزْوِيجِهِ إيَّاهَا بِأَمْرِهِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ وَاَللَّهُ الْمَحْمُودُ عَلَى ذَلِكَ‏.‏

وَقَالَ قَائِلٌ آخَرُ‏:‏ فِيمَا رَوَيْتُمْ لَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَيْلِ نَفَى الزَّكَاةَ عَنْهَا وَأَنْتُمْ تُوجِبُونَ الزَّكَاةَ فِيمَا إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ، بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ، إنَّا وَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ جَمِيعًا مُتَّفِقِينَ عَلَى إخْرَاجِهَا إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ الزَّكَاةِ إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ وَإِجْمَاعُهُمْ حُجَّةٌ كَالاِسْتِثْنَاءِ لَوْ اسْتَثْنَاهُ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ آخَرُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَلاَ إنَّ فِي الرَّقِيقِ زَكَاةَ الْفِطْرِ أَعْنِي الْمَذْكُورَ ذَلِكَ فِيهِ مِمَّا قَدْ رَوَيْنَاهُ‏,‏ وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَخْتَلِفُونَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ هَلْ تَجِبُ فِي رَقِيقِ التِّجَارَةِ أَمْ لاَ‏؟‏ فَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ لاَ يُوجِبُونَ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِيهَا وَمَالِكٌ وَسَائِرُ أَهْلِ الْحِجَازِ يُوجِبُونَ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِيهَا وَلاَ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ وُجُوبُ زَكَاةِ الْمَالِ فِيهَا إذَا كَانَتْ مِمَّا يُدَارُ فِي التِّجَارَاتِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ، بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ، أَنَّ هَذَا مِمَّا لَمْ نَجِدْ فِيهِ ذِكْرًا فِي كِتَابٍ وَلاَ فِي سُنَّةٍ وَإِنَّا إنَّمَا وَجَدْنَا الدَّلِيلَ عَلَى الْقَوْلِ فِيهِ مِنْ الإِجْمَاعِ لاَ مِنْ مَا سِوَاهُ وَذَلِكَ أَنَّا وَجَدْنَا الْمَوَاشِيَ السَّائِمَةَ لاَ اخْتِلاَفَ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا إذَا لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ‏,‏ وَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ لَمْ تَجْتَمِعْ فِيهَا الزَّكَاتَانِ جَمِيعًا إنَّمَا يَجِبُ فِيهَا إحْدَاهُمَا وَتَنْتَفِي الآُخْرَى عَلَى مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ‏.‏

فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَجْتَمِعُ زَكَاتَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ‏,‏ وَإِنَّ إحْدَاهُمَا إذَا وَجَبَتْ فِيهِ نَفَتْ الآُخْرَى عَنْهُ فَكَذَلِكَ عَبِيدُ التِّجَارَةِ إذَا وَجَبَتْ فِيهِمْ زَكَاةُ مَا نَفَتْ عَنْهُمْ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الأَنْصَارِيِّ فِي نَسْخِ زَكَاةِ الْفِطْرِ‏,‏ وَفِي نَسْخِ فَرْضِ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَعَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالُوا ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْت الْحَكَمَ قَالَ سَمِعْت الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ كُنَّا نُعْطِي صَدَقَةَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ‏,‏ وَنَصُومَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ وَنَزَلَتْ الزَّكَاةُ لَمْ نُؤْمَرْ بِهِ وَلَمْ نُنْهَ عَنْهُ وَكُنَّا نَفْعَلُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَنْبَأَ الْحَكَمُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا بَكَّارَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ‏,‏ عَنْ الْحَكَمِ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ‏,‏ عَنْ الْحَكَمِ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا بَكَّارَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ‏,‏ قَالاَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏,‏ فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي حَدِيثِ قَيْسٍ هَذَا مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ قَبْلَ فَرْضِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ فَوَجَدْنَاهُ مِمَّا قَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَدَخَلَ عَلَيْهِ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ يَوْمَ عَاشُورَاءَ‏,‏ وَهُوَ يَطْعَمُ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ قَالَ قَدْ كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تُرِكَ فَأَمَّا أَنْتَ مُفْطِرٌ فَادْنُ فَأَطْعِمْ‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ السَّكَنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ أَتَاهُ رَجُلٌ‏,‏ وَهُوَ يَأْكُلُ فَقَالَ لَهُ هَلُمَّ‏,‏ فَقَالَ لَهُ إنِّي صَائِمٌ‏,‏ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا نَصُومُهُ ثُمَّ تُرِكَ يَعْنِي‏:‏ عَاشُورَاءَ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ فَأَتَاهُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَهُوَ يَتَغَدَّى فَقَالَ‏:‏ الْغَدَاءَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَقَالَ أَمَا عَلِمْت أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ بَلَى وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ عَلِمْتُ‏,‏ وَمَا أُمِرْنَا بِصَوْمِهِ إِلاَّ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ فَلَمَّا نَزَلَ لَمْ نُؤْمَرْ بِهِ وَلَمْ نُنْهَ عَنْهُ‏.‏

وَوَجَدْنَاهُ مِمَّا قَدْ وَافَقَتْ عَلَيْهِ عَائِشَةُ أَيْضًا كَمَا حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ الْفَرِيضَةَ‏,‏ وَتُرِكَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ‏,‏ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصِيَامِهِ حَتَّى فُرِضَ رَمَضَانُ‏,‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ‏,‏ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالاَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ قَالَ مَنْ شَاءَ صَامَ عَاشُورَاءَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَهُ‏.‏

وَوَجَدْنَا مِمَّا وَافَقَهُ عَلَيْهِ جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنِ الأَشْعَثِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِصِيَامِ عَاشُورَاءَ وَيَحُثُّنَا عَلَيْهِ‏,‏ وَيَتَعَهَّدُنَا عَلَيْهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَتَعَهَّدْنَا عَلَيْهِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ اتَّفَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةُ وَجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ رضي الله عنهم فِي صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ عَلَى مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْهُمْ فِيهِ‏,‏ وَقَدْ رُوِيَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَامُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالاَ ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي أَظْهَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مُوسَى صلى الله عليه وسلم عَلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَ أَنْتُمْ أَوْلَى بِمُوسَى صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ فَصُومُوهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّهُمْ كَانُوا يَصُومُونَهُ لِلشُّكْرِ لاَ لِلْفَرْضِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُ كَانُوا يَصُومُونَهُ لِلشُّكْرِ لاَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا ثُمَّ فُرِضَ عَلَيْهِمْ صَوْمُهُ فَكَانُوا يَصُومُونَهُ لِلْفَرْضِ عَلَى مَا فِي أَحَادِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَقَدْ رُوِيَ فِي تَوْكِيدِ وُجُوبِ صَوْمِهِ كَانَ أَيْضًا مِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لِلْفَرْضِ لاَ لِلشُّكْرِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ عَنْ عَمِّهِ قَالَ غَدَوْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَبِيحَةَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَقَدْ تَغَدَّيْنَا فَقَالَ أَصُمْتُمْ هَذَا الْيَوْمَ‏؟‏ فَقُلْنَا‏:‏ قَدْ تَغَدَّيْنَا قَالَ‏:‏ أَتِمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْت أَبَا الْمِنْهَالِ يُحَدِّثُ عَنْ عَمِّهِ‏,‏ وَكَانَ مِنْ أَسْلَمَ أَنَّ نَاسًا أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْ بَعْضَهُمْ يَوْمَ عَاشُورَاءَ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ أَصُمْتُمْ الْيَوْمَ‏؟‏ فَقَالُوا‏:‏ لاَ وَقَدْ أَكَلْنَا قَالَ صُومُوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَيْفٍ التُّجِيبِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ أَنَّ قَزَعَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ عَاشُورَاءَ فَعَظَّمَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ‏:‏ مَنْ كَانَ لَمْ يَطْعَمْ مِنْكُمْ فَلْيَصُمْ يَوْمَهُ وَمَنْ كَانَ قَدْ طَعِمَ مِنْكُمْ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ هِنْدِ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى قَوْمِي مِنْ أَسْلَمَ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ قُلْ لَهُمْ فَلْيَصُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَمَنْ وَجَدْت مِنْهُمْ قَدْ أَكَلَ مِنْ صَدْرِ يَوْمِهِ فَلْيَصُمْ آخِرَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الأَصْبَهَانِيِّ قَالَ‏:‏ أَنَا شَرِيكٌ عَنْ مَجْزَأَةَ بْنِ زَاهِرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ يَعْنِي‏:‏ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ‏,‏ وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلْيَصُمْ بِاسْمِ اللَّهِ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ زَاهِرًا هَذَا هُوَ ابْنُ الأَسْوَدِ مِنْ أَسْلَمَ وَأَنَّهُ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَاشُورَاءَ‏:‏ هَلْ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ صَامَ الْيَوْمَ‏؟‏ قُلْنَا‏:‏ مِنَّا مَنْ صَامَ وَمِنَّا مَنْ لَمْ يَصُمْ قَالَ فَأَتِمُّوا يَوْمَكُمْ هَذَا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَلَمْ يَكْشِفْهُمْ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَلْ أَكَلُوا أَوْ لَمْ يَأْكُلُوا‏,‏ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ أَمْرَهُ إيَّاهُمْ بِصَوْمِ بَقِيَّةِ يَوْمِهِمْ يَسْتَوِي مَنْ كَانَ أَكَلَ قَبْلَ ذَلِكَ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ كَشَهْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ أَنْ كَانَ هُوَ الْفَرِيضَةُ فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَقَدْ رَأَيْنَا مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ فَأَكَلَ‏,‏ ثُمَّ عَلِمَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي رَمَضَانَ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالإِمْسَاكِ عَمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الصَّائِمُ فِي بَقِيَّتِهِ وَبِقَضَاءِ يَوْمٍ مَكَانَهُ‏,‏ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ‏,‏ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ صَوْمُهُ فَرْضًا فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ، بِتَوْفِيقِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَعَوْنِهِ، أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ عِنْدَنَا‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْفَرْضَ كَانَ لَحِقَهُمْ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ بَعْدَمَا دَخَلُوا فِيهِ وَبَعْدَ مَا قَدْ كَانَ دُخُولُهُمْ فِيهِ غَيْرَ مَفْرُوضٍ عَلَيْهِمْ‏,‏ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ تَعْظِيمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ أَمْرِهِ مَنْ كَانَ حَوْلَهُ فِيهِ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ فِيهِ فَكَانُوا كَمَنْ بَلَغَ مِنْ الصِّبْيَانِ وَكَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ النَّصَارَى فِي يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَيُؤْمَرُونَ بِصَوْمِ بَقِيَّتِهِ‏,‏ وَإِنْ كَانُوا قَدْ أَكَلُوا قَبْلَ ذَلِكَ وَلاَ يُؤْمَرُونَ بِقَضَاءِ يَوْمٍ مَكَانَهُ‏.‏

وَأَمَّا مَا فِي حَدِيثِ قَيْسٍ وَمَنْ وَافَقَهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَا عَلَى مَا وَافَقَهُ عَلَيْهِ مِمَّا ذَكَرَهُ فِيهِ مِنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَمِمَّا ذَكَرَهُ فِيهِ مِنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَارِمٌ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالاَ ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ وَعَبْدٍ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ‏.‏

قَالَ فَعَدَلَهُ النَّاسُ بِمُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ وَأَبُو أُمَيَّةَ قَالاَ ثنا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ الْعَطَّارُ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُلِّ ذَكَرٍ وَأُنْثَى حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ يَعْنِي‏:‏ صَدَقَةَ الْفِطْرِ‏.‏

‏(‏وَكَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكٌ وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَزَادَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّعْدِيلَ الَّذِي فِي بَعْضِ مَا قَبْلَهُ مِنْ تَعْدِيلِ النَّاسِ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ‏.‏

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ذَكَرَ فَرْضَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهَا وَفِيهِ تَعْدِيلُ النَّاسِ إيَّاهَا بِمُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ‏,‏ وَذَلِكَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ مَعَ بَقَاءِ فَرْضِهَا فَكَانَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا قَالَهُ قَيْسٌ فِي ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّا تَأَمَّلْنَا مَا قَالَهُ قَيْسٌ فِيهِ فَوَجَدْنَا لَهُ وَجْهًا مُحْتَمِلاً لِمَا قَالَهُ فِيهِ‏,‏ وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ كَانَتْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فِي الْبَدْءِ فِي فَرْضِهَا عَلَى مِثْلِ زَكَاةِ مَا فِي زَكَاةِ الأَمْوَالِ عَلَيْهِ فِي فَرْضِهَا بَعْدَ أَنْ فُرِضَتْ فِيهَا حَتَّى صَارَتْ فِي فَرْضِهَا كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي الإِيمَانِ بِهَا وَفِي وُجُوبِ الْكُفْرِ عَلَى مَنْ جَحَدَهَا فَكَانَتْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ كَذَلِكَ ثُمَّ فُرِضَتْ زَكَاةُ الأَمْوَالِ فَرُدَّ الْفَرْضَ الَّذِي كَانَ فِيهَا إلَى زَكَاةِ الأَمْوَالِ وَجُعِلَ مَكَانَهُ لِزَكَاةِ الْفِطْرِ فَرْضٌ دُونَ ذَلِكَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِمَّا لَوْ جَحَدَهُ جَاحِدٌ لَمْ يَكُنْ بِجَحْدِهِ إيَّاهُ كَافِرًا كَمَا يَكُونُ بِجَحْدِهِ زَكَاةَ الأَمْوَالِ كَافِرًا فَهَذَا هُوَ مَعْنًى صَحِيحٌ يَخْرُجُ بِهِ مَا قَالَ قَيْسٌ فِي فَرْضِ زَكَاةِ الْفِطْرِ كَانَ عَلَيْهِ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي طُلُوعِ النَّجْمِ الَّذِي تَرْتَفِعُ بِطُلُوعِهِ الْعَاهَةُ أَوْ تَخِفُّ أَيُّ النُّجُومِ هُوَ‏؟‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا طَلَعَ النَّجْمُ رُفِعَتْ الْعَاهَةُ عَنْ أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَلَمْ نَجِدْ فِيهِ ذِكْرَ ذَلِكَ النَّجْمِ أَيُّ النُّجُومِ هُوَ‏؟‏ فَطَلَبْنَاهُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الأَحَادِيثِ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ يُونُسُ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ‏,‏ وَقَالَ الرَّبِيعُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَذْهَبَ الْعَاهَةُ قَالَ فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ مَتَى ذَلِكَ‏؟‏ قَالَ طُلُوعُ الثُّرَيَّا‏.‏

وَوَجَدْنَا الْمُزَنِيّ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ‏,‏ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ هُوَ خَالُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ وَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ الثُّرَيَّا وَعَقَلْنَا بِهِ أَيْضًا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِرَفْعِ الْعَاهَةِ عَنْهُ هُوَ ثِمَارُ النَّخْلِ ثُمَّ طَلَبْنَا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنْ الأَحَادِيثِ هَلْ نَجِدُ لِوَقْتِ طُلُوعِهَا مِنْ اللَّيْلِ ذِكْرًا أَمْ لاَ‏؟‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِسْلُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا طَلَعَ النَّجْمُ صَبَاحًا قَطُّ وَتَقُومُ عَاهَةٌ إِلاَّ رُفِعَتْ عَنْهُمْ أَوْ خَفَّتْ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ عَلَى طُلُوعِهَا صَبَاحًا طُلُوعًا يَكُونُ الْفَجْرُ بِهِ وَطَلَبْنَا فِي أَيِّ شَهْرٍ يَكُونُ فِيهِ ذَلِكَ مِنْ شُهُورِ السَّنَةِ عَلَى حِسَابِ الْمِصْرِيِّينَ‏؟‏ فَوَجَدْنَاهُ ‏(‏بَشَنْسَ وَطَلَبْنَا الْيَوْمَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ ذَلِكَ فِي طُلُوعِ فَجْرِهِ مِنْ أَيَّامِهِ فَوَجَدْنَاهُ الْيَوْمَ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ أَيَّامِهِ وَطَلَبْنَا مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنْ الشُّهُورِ السُّرْيَانِيَّةِ الَّتِي يُعْتَبَرُ أَهْلُ الْعِرَاقِ بِهَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ أَيَارَ‏,‏ وَطَلَبْنَا الْيَوْمَ الَّذِي يَكُونُ ذَلِكَ فِي فَجْرِهِ فَإِذَا هُوَ الْيَوْمُ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ أَيَّامِهِ‏,‏ وَهَذَانِ الشَّهْرَانِ اللَّذَانِ يَكُونُ فِيهِمَا حَمْلُ النَّخْلِ أَعْنِي‏:‏ بِحَمْلِهَا إيَّاهُ ظُهُورَهُ فِيهَا لاَ غَيْرَ ذَلِكَ وَتُؤْمَنُ بِالْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْهُمَا عَلَيْهَا الْعَاهَةُ الْمَخُوفَةُ عَلَيْهَا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ‏,‏ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

وَمَا وَجَدْنَا حَدِيثَ عِسْلٍ هَذَا بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا حَدَّثَ بِهِ عَفَّانَ مِنْهُ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عِسْلٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا طَلَعَتْ الثُّرَيَّا صَبَاحًا رُفِعَتْ الْعَاهَةُ عَنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا دَلَّنَا عَلَيْهِ حَدِيثُ سُرَاقَةَ وَمَا فِي حَدِيثِ عَفَّانَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ وُهَيْبٍ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏